بعد 5 سنوات على تثبيته عند 260 دينارا من المرجح أن يرتفع الحد الأدنى للأجور إلى 300 دينار
يترقب عمال الأردن ممن يتقاضون راتبا ضمن الحد الأدنى للأجور قرارا وشيكا لرفع رواتبهم وفق قرار اللجنة الثلاثية لشؤون العمل.
بعد 5 سنوات على تثبيته عند 260 دينارا، من المرجح أن يرتفع الحد الأدنى للأجور إلى 300 دينار وفق توصيات اللجنة الثلاثية لشؤون العمل والمشكلة من الحكومة والقطاع المشغل للعمال وممثلين عن العمال، في وقت توقعت دراسة لمنتدى الاستراتيجيات الأردني أن يرتفع بين 288 و300 دينار.
اقرأ أيضاً: الصبيحي: عوائد صفرية للمحفظة السياحية لصندوق الضمان الاجتماعي للسنة السادسة على التوالي
وفي استطلاع محدود، قال مواطنون إن الحد الأدنى للأجور تأخر البت به، مشيرين في الوقت ذاته إلى ضعف الأجور بوجه عام.
وطالب هؤلاء في حديث لـ"رؤيا" بأن يكون الحد الأدنى للأجور 500 دينار لتوفير حياة كريمة بالحد الأدنى، وفق رأيهم.
تصريحات وزير العمل خالد البكار بشأن رفع الحد الأدنى للأجور لاقت تفاعلا واسعا في الأوساط العمالية.
اقرأ أيضاً: وزير الصناعة: تحرير قطاع الخدمات من ضريبة الدخل على أرباح الصادرات لمدة 10 سنوات
ومن المرجح بأن يبدأ العمل بقرار رفع الحد الأدنى للأجور بداية العام 2025، وفق التصريحات ذاتها للوزير.
مدير مركز الفينيق للدراسات العمالية، أحمد عوض، قال إن رفع الحد الأدنى للأجور استحقاق عمالي تأخرت بتنفيذه الحكومة السابقة.
وأضاف عوض في حديث لـ"رؤيا"، أن استجابة الحكومة الجديدة بتنفيذ القرار إيجابي، وسيفيد العمال. وبين أن الاتفاق جرى على أن تتم الزيادة عند 300 دينار وفق أرقام التضخم.
دراسة حديثة لمنتدى الاستراتيجيات الأردني، وصفت قرار رفع الحد الأدنى للأجور بأنه صعب ومعقد، لما يحمله من تناقضات اقتصادية بين أن يؤدي إلى تقليل فرص التوظيف وبين أن يحدث أثرا إيجابيا على العمالة والاستهلاك.
علينا التوازن في المطالب
وتعليقا على ما سبق قال رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال، خالد الفناطسة لـ"رؤيا"، إن الرفع التدريجي للاجور يحقق مصالح الجميع.
"علينا التوازن في المطالب ومراعاة مصالح جميع الأطراف"، يقول رئيس الاتحاد.
وأصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ورقة سياسات تحمل عنوان "اقتصاديات الحد الأدنى للأجور: نظرة على الحالة الأردنية". وتهدف الورقة إلى تقديم بعض الحقائق والتوصيات حول الحد الأدنى للأجور من خلال النظر إلى الأدبيات الاقتصادية، والمؤشرات الخاصة بالحالة الأردنية، مع إجراء المقارنات المرجعية مع عدد من الدول إقليميًّا وعالميًّا.
اقرأ أيضاً: زيادة أجور العمّال.. المرصد العمالي يطالب بإجراءات موازية لزيادة أجور الأطباء
وبينت الورقة أن الحد الأدنى للأجور قد ارتفع في الأردن منذ العام 2010 بالقيمة الاسمية من 150 دينارًا أردنيًّا شهريًّا (143.0 دينارًا بالقيمة الحقيقية)، وإلى 260 دينارًا أردنيًّا شهريًّا (253.1 دينارًا بالقيمة الحقيقية) في عام 2021. وبذلك يكون الحد الأدنى للأجور الحقيقي قد ارتفع بنسبة 26% في عام 2012، و11% في عام 2017، و17% في عام 2021.
وأشارت الورقة إلى أن قرار رفع الحد الأدنى للأجور يُعَدّ قرارًا صعبًا ومعقدًا، فهو يعتمد على العديد من العوامل، وفق ما جاء في الأدبيات الاقتصادية، والنتائج المتناقضة للدراسات العملية. فقد أشارت الورقة إلى أن بعض الدراسات قد خلصت إلى أن ارتفاع الحد الأدنى للأجور قد يؤدي إلى فقدان الوظائف، بينما بينت دراسات أخرى وجود تأثير إيجابي لرفع الحد الأدنى من الأجور على العمالة، والاستهلاك، والنمو الاقتصادي.
وبينت نتائج ورقة المنتدى، أن الحد الأدنى للأجر الإجمالي الرسمي في الأردن في العام 2022، حوالي 366 دولارًا (260 دينارًا) شهريًّا، وهو أعلى من الحد الأدنى الشهري في كل من الهند، ومصر، والمغرب، ودول أخرى.
كما أشارت نتائج الورقة إلى أن الحد الأدنى للأجر الشهري في الأردن (عند تحويله على أساس تعادل القوة الشرائية بالدولار الدولي لعام 2017) يعادل حوالي 845 دولارًا، وهو مبلغ أعلى بكثير من المتوسط العام لدى بلدان المقارنة، مثل المغرب (726 دولارًا)، والصين (501 دولار)، والكويت (428 دولارًا)، وغيرها.
وفي سياق متصل، بينت ورقة المنتدى أن إجمالي عدد المؤمن عليهم من أصحاب الأجر الشهري 300 دينار فأقل في الأردن قد بلغ 411,497 فردًا، أي ما نسبته 29.7% من إجمالي الأفراد المؤمن عليهم اجتماعيًّا، البالغ عددهم 1,386,783 فردًا (وفق المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي لعام 2022). وتشير هذه الأرقام إلى أن رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن من المتوقع أن يؤثر على عدد كبير من المؤمن عليهم سواء بشكل مباشر من خلال رفع أجور العاملين الحاليين عند أجر 260 دينارًا شهريًّا فأقل، أو بشكل غير مباشر، نتيجة تأثير تلك الزيادة على احتمالية رفع الأجور (الأعلى) والقريبة من الحد الأدنى للأجور.
وأضاف المنتدى في ورقته أن هذه الزيادة سترفع من الإنفاق على السلع والخدمات الأساسية، وبالأخص المنتجة محليًّا. ولأن هذه الفئة تُعَدّ من ذوي الدخل المحدود، فإن الازدياد في نفقاتها - جراء رفع الحد الأدنى للأجور – من غير المتوقع أن يؤثر تأثيرًا كبيرًا على معدل التضخم.
وبين المنتدى أن معدلات النمو في كل من "الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج"، و"الناتج المحلي الإجمالي للشخص العامل" في الأردن قد تراجعت بشكل واضح. فقد بلغ متوسط نمو كل منهما خلال السنوات القليلة الماضية (2020-2024)، حوالي 0.3%، و -0.3% على التوالي، مشيرًا إلى أن هذه النسب تُعَدّ منخفضة، ولن تساعد في تحقيق النمو المنشود في الأردن. خاصة أن النمو في إنتاجية "عوامل الإنتاج" (الأرض، والعمالة، ورأس المال، والريادة) تؤثر تأثيرًا مباشرًا وكبيرًا على نمو اقتصادات الدول.
كما أشارت ورقة المنتدى إلى أن نسبة مساهمة أصحاب العمل في الضمان الاجتماعي (14.25%) من الأجر الشهري في الأردن هي أقل بكثير من بلدان أخرى، كـ فرنسا (45%)، وتركيا (22.5%) وغيرها، إلا أنها قريبة من اليابان، وأيرلندا. وبالمثل، فقد بلغت نسبة مساهمة الموظف في الأردن 7.5% من إجمالي الأجر، وهي نسبة أقل بكثير مما هي عليه في فرنسا (23%)، وتركيا (15%) وبلدان أخرى، إلا أنها تُعَدّ قريبة من الولايات المتحدة الأمريكية (7.65%)، والسويد (7%).
معدل مساهمة صاحب العمل
وعند المقارنة مع الدول العربية، يُعَدّ معدل مساهمة صاحب العمل في الضمان الاجتماعي في الأردن (14.25%) أقل بكثير من مستواه في مصر، والجزائر (26%). ومع ذلك، فإن النسبة أعلى مما هي عليه في الكويت (11.5%)، وعُمان (11.5%)، والمملكة العربية السعودية (12%). وبالمثل، فإن مساهمة الموظف في الأردن (7.5%) أقل بكثير مما هي عليه في مصر (14%)، والكويت (10.5%)، وتونس (9.18%).
وأشار المنتدى في ورقته إلى أنه عادة ما يتم تقسيم الدخل القومي (الناتج المحلي الإجمالي) في أي اقتصاد، بين عوامل الإنتاج الرئيسة: العمل، ورأس المال. أي بعبارة أخرى، يتم توزيع الدخل بين الأجور التي يحصل عليها العمال (حصة العمل)، والأرباح أو العوائد التي يحصل عليها أصحاب رأس المال (حصة رأس المال). وبالاستناد إلى تقديرات منظمة العمل الدولية، فإن حصة العمل في الأردن (إجمالي الرواتب) هي (44.6%)، إذ تُعَدّ هذه النسبة أعلى بكثير مما هي عليه في قطر (27.7%)، والمملكة العربية السعودية (30%)، والجزائر (34.6%)، والإمارات العربية المتحدة (34.6%)، وعُمان (35.8%)، علمًا بأن انخفاض النسب في دول الخليج يعود بطبيعة الحال إلى اعتماد اقتصادات تلك الدول على النفط والغاز اعتمادًا كبيرًا، وهي قطاعات تُعَدّ كثيفة من حيث رأس المال، إلا أنها محدودة من حيث القدرة على التشغيل. ومع ذلك، تُعَدّ النسبة في الأردن أقل بكثير مما هي عليه في سويسرا (70.5%)، أو كوريا الجنوبية (59.5%)، أو الهند (56.9%)، على سبيل المثال.
الإنفاق النهائي الحقيقي للأسر
هذا، وقد قام المنتدى في ورقته بتحليل تأثير "الإنفاق النهائي الحقيقي للأسر" على الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. إذ بينت النتائج وجود تأثير إيجابي (المرونة +0.5 بالمتوسط). وهذا يعني أنه في حال ازدياد الإنفاق النهائي الحقيقي للأسر بنسبة 1%، فإن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سيرتفع بنسبة 0.5%، والعكس صحيح.
وفي سياق ذلك، أشار المنتدى إلى أن رفع الحد الأدنى للأجور بمقدار ملائم، سينعكس على زيادة مستويات الاستهلاك الكلي لدى الأفراد، وتحديدًا على السلع الأساسية المنتجة محليًّا، مما ينعكس إيجابًا على مستويات الإنتاج المحلي.
وفي ضوء ذلك، أوصى المنتدى بضرورة اتباع نهج متوازن قائم على الأدلة لتحديد الحد الأدنى للأجور؛ بحيث يأخذ بعين الاعتبار احتياجات العمال وأسرهم، والعوامل الاقتصادية. مشيرًا إلى أن الموازنة بين هذين الاعتبارين تُعَدّ مهمة للغاية؛ لضمان تكييف الحد الأدنى للأجور مع السياق الوطني، ومراعاة الحماية الفعالة للعمال، واستدامة المشاريع ونموها.
اتباع النهج القائم على الأدلة
وأضاف المنتدى، أن اتباع النهج القائم على الأدلة، يتطلب وجود معايير واضحة لتوجيه الحوار بشأن مستوى الحد الأدنى للأجور، واعتماد مؤشرات إحصائية موثوقة لدعم الحكومة، وأصحاب العلاقة، والشركاء الاجتماعيين في مداولاتهم من أجل اتخاذ القرار المناسب. مشيرًا إلى أهمية الاسترشاد بالمؤشرات الإحصائية المباشرة (تكلفة المعيشة/ التضخم، ومعدل نمو الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج) التي يتم استخدامها عادة عند النظر بزيادة الحد الأدنى للأجور.
وفي سياق متصل، فقد اجتهد المنتدى في احتساب الزيادة المحتملة على الحد الأدنى للأجور في عام 2025، التي من الممكن أن تكون ما بين 288 دينارًا (شاملًا معدل التضخم) لحماية الحد الأدنى للأجور من التآكل، و300 دينار شهريًّا (شاملًا معدل التضخم، ومعدل نمو الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج)؛ لتعزيز النمو في الإنتاجية، وتحفيز العاملين. أي بنسبة زيادة تتراوح ما بين 10.8%، و 15.4%.
كما أوصى المنتدى بأهمية النظر في تعديل مستويات الحد الأدنى للأجور من وقت لآخر؛ لتمكين القوة الشرائية للعمال، وتحقيق مزيد من المساواة في الأجور، خاصة عند ارتفاع مستويات الأجور بشكل عام.
واختتم المنتدى توصياته بضرورة العمل على تبني سياسات عمل طويلة الأجل تعزز من نمو إنتاجية عوامل الإنتاج، وتتماشى مع مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي، التي تتسم بطموح عالٍ نحو التشغيل، وتحسين مستويات معيشة الأفراد في آن واحد.
© مصر انسايت